11 يوليو 2013

يسقط الكهنوت

أرى ان جيلي من أفضل الأجيال في تاريخ الديانة الإسلامية ، ويمدني هذا بكثير من الأمل. هذا الجيل المختلف الذي أتيحت له فرص لكسر القوالب التي قولبت فيها أجيال طويلة سبقته. إنه جيل مختلف ساعدته ظروف التطور التي وجد فيها والتي سهلت اتصاله بالعالم من حوله وسمحت له بأفق أوسع للتامل ؛ فأدرك ما لم يجمع في أدراك من سبقوه ، بالإضافة إلى تطور العلوم التي يدرسها والتي خلقت وربت فيه روح التحليل المنطقي والنتائج المترتبة على أدلة وبراهين ؛ منطقية الدنيا والعالم.

ديانة محمد صلى الله عليه وسلم شوهت ومسخت كثيرا منذ وفاته على أيدي من نصبوا أنفسهم اوصياء على الديانة يفسرونها حسب رؤاهم ويصدرونها جاهزة لكل من دونهم ؛ يتبعون هذه الرؤى بدون نقاش أو جدال. ومن يخالفهم فهو كافر فاسق مارق يقتل أو ينفى من الأرض. فلا يجروء شخص أن يفكر او يتساءل ؛ فقط عليك أن تحفظ وتتبع.

شكلت قوالب دينية تغيرت على مر العصور حسب أهواء الحاكم -بأمرالله دائما- وبأيدي رجال الكهنوت الذين نصبوا أنفسم أوصياء على دين ليس له رجال كهنوت في أصله. دائما عندما يدخل الضحية الجديدة إلى هذا القالب كان يقاوم كل مايخالف المنطق والعقل ويتسأءل فيكون الجواب زجرا : هل تعارض أمر الله ومراده؟ نحن لا نعلم حكمة الله ؛ ولكن هذه أوامره –كذبا وبهتانا- ، فكان دائما لا مفر وهو في تلك المرحلة من حياته عجينة طرية إلا أن يتقولب ويستعد لقولبة نسله من بعده ، مؤثرا السكينة التي بمده بها إيمانه المزيف المهزوز، والغيبوبة التي يستقيها من أفيون الدين المسيطر عليه الذي يزيل عن كاهله أعباء التفكير والتدبر.

إلا أن الجيل الجديد وجد مصادر أخرى تطرح عليه آفاق جديدة ، فمنذ نعومه أظفاره يستطيع الغلام او الفتاة ان تفتح قنوات لم يكن ممكنا فتحها قبلا ، فمثلا أول محادثة لي على على شبكة الإنترنت كنت في الحادية عشر من عمري وكانت مع مواطنة إسرائيلية –من قبيل المصادفة- . فبدأ المراهقون يحادثون أقرانهم في العالم ممن يوصفون بالكفرة الملاحدة فيجدونهم بشر مثلهم ؛ لا شياطين خبيثة كما صور لهم ، بل ربما يجدونهم أكثر إنسانية من كثيفي اللحى قصيري الثياب ممن يقدمون على أنهم ممثلين الدين رجال الله – أعوذ بالله-.

بالطبع كل ذو عقل وحكمة يرفض فورا مايقدم إليه على إنه الإسلام  ، ولكن الإختلاف في الطريق الذي يسلك بعد هذا الرفض فالبعض يقرر إلقاء موضوع الدين والتدين عن عاتقه أصلا ليعيش حياته القصيرة بلا هذا العبء الثقيل المشبوه ، والبعض الآخر يسلك الطريق الأصعب مدركا صحة ونقاء الحقيقة الأصلية من وجود الخالق ومن حتمية وجود الدين النقي الأصلي تحت هذه الأنقاض ، فيختار سلوك الدرب الأصعب مفتشا عن الحقيقة برغم إدراكه عظم أحتمالية هلاكه قبل أن يدركها ؛ فضلا عن خرافية الحقيقة المطلقة.

يسعدني أن رأيت خيوط الفجر تتضح ، وأيقن أنه سيأتي البوم الذي تتوسط فيه شمس الحق عنان السماء ، لتحرق وتطهر الدنيا والدين من الآفات اللتي علقت بها في زمان الظلام الطويل المدلهم .


أحمد هانئ
4:40 صباحا
11/7/2013